Admin Admin
عدد المساهمات : 121 نقاط : 366 تاريخ التسجيل : 14/11/2012 العمر : 59 الموقع : مصر سوهاج
| موضوع: قصيدة كن أخى بحق الجمعة أكتوبر 04, 2013 5:14 pm | |
| كن أخى بحق
المُثقِّب العَبدِي (71-36 ق.هـ/553-587 م) هو العائذ بن محصن بن ثعلبة، من بني عبد القيس، من ربيعة. شاعر جاهلي، من أهل القطيف ، من أهل البحرين اتصل بالملك عمرو بن هند وله فيه مدائح ومدح النعمان بن المنذر. في شعره حكمة ورقة. مناسبة النص
تدور القصيدة في بداية الأمر عن محبوبة الشاعر التي ارتحلت لسبب ما لم يذكره .. فرحيلها ادى الى صدمة عنيفه عليه جعلته يقف على ارض مهزوزة فكانت رده فعله شديدة ظهرت في خطابه الذي خرج من دائرة الحديث بين عاشقين الى ندين .. فيصرخ الشاعر في وجه فاطمة لممارستها الظالمه له وبدأ بترسيخ مبدأ العلاقات الانسانيه التي يتلخص في مبدأ المعاملة بالمثل فكما هجرته فاطمة سيهجرها .. بعدها يهدأ الشاعر ويبدأ بمراقبه فاطمة وهي ترتحل فهو لا يصدق انها حقا ستتركه فقلبه لازال متعلقا بها .. من هنا بدأ الشاعر بوصف رحلة الظعائن التي فاطمه جزءا منها فوصفها وصفا دقيقا يبين الرخاء والترف الذي هم فيه ووصف محبوبته على الرغم من قطيعتها تصويرا جماليا ورهبة .. و عند تأكده ان فراق فاطمه امرا لا رجعة منه ورجعتها ضرب من ضروب المستحيل شد رحله فبدأت من هنا رحلته المملوءه بالتعب والمشقه .. فوصف ناقته التي تستطيع نقله الى عالم أكثر رحابة و مثاليه بالقوه والسرعة والنشاط بل انه قربها الى عالم الانسان فجعلها صديقه وفيه له تجسد اسمى لحظات البوح الانساني .. فاسقط كل مشاعره المتسمه بالقلق والاضطراب والحزن والضعف على الناقه فكيف يبين ضعفه وهو الذي كان يصرخ في وجه محبوبته !! .. فشعوره بعدم الاطمئنان والسكينه يعذب مشاعره الحالمه بالاستقرار .. يؤكد الشاعر بعدها ان لرحلته هدف اساسي الا وهو ملاقاة عمر بن هند الذي هو احد ملوك الحيره الذي كانت لقبيلته علاقه معه فجسده بالصفات المثاليه .. يعود الشاعر من هنا الى حدة الخطاب وكأننا لا نميز حديثه بينه وبين فاطمه وبينه وبين عمر وكأنهما شخص واحد .. فخير عمر اما ان يكون له كأخ حقا وحقيقه ويبين له المفيد من الغير مفيد فيعيد التوازن النفسي له او ان يتركه ويتقيه .. فالشاعر عنده اشكالية بين الماضي الجميل الذي ذهب دون رجعه والحاضر الاليم الذي يعيشه لحظه بلحظة فلا يبقى امامه الا المستقبل المجهول الذي يبعث له الرهبة .. بالنهايه بين الشاعر ان نفسه الوحيده التي هي نزاعه الى الخير عكس عمر وفاطمه اللذان يتصفان بالشر فعاد الخطاب الى فاطمة .
شغلت قضية الوحدة الموضوعيّة والوحدة العضويّة في الشعر الجاهلي فكر النقاد قديماً وحديثاً , وكانت آراؤهم حول هاتين القضيتين متباينة . فمنهم من يزعم أنّ القصيدة الجاهليّة مفكّكة مهلهلة , ومنهم من يعتقد غير ذلك , فيذهب إلى أنّها متماسكة مترابطة . وكلّ يجتهد في تقديم الأدلة ليثبت ما يذهب إليه .
مــــن عيون الشعر العربي : رائعة الشاعر المثقب العبديّ :
فإِمَّا أَنْ تَكونَ أَخِـي بحَـقٍّ...فأَعْرِفَ مِنْكَ غَثِّي أَوْ سمِينِي
وكان أبو عمرو بن العلاء يستجيد هذا القصيدة له ، ويقول :"لو كان الشعر مثلها ؛ لوجب على الناس أن يتعلموه !!!"
ولعل من أجمل ما سمعت من رؤى نقدية لتلك القصيدة البديعة ،رأي العلامة الدكتور ناصر الدين الأسد ؛ إذ يقول في لقاء تلفزيوني ما معناه :
(( من يتهم الشعر الجاهلي بالتفكك والخلو من الوحدة الموضوعية فليعد إلى قصيدة المثقب العبدي , ومن يظن أن الشعر الجاهلي صعب اللفظ على إطلاقه ومخصوص بزمنه فليتأمل قصيدة المثقب , القصيدة من أولها إلى آخرها تدور حول معنى وجداني يلهب أفكار الشاعر وهو : بغض النفاق والمداهنة في مقابل إخلاصه هو .. لا تعدي مواعد كاذبات ... إما ان تكون أخي بحق ... وهذا النفاق يجعل الرؤية ضبابية غير واضحة فلا يستطيع اتخاذ القرار المناسب , والنتيجة : الحدّيّة في الرأي والعقاب القاسي حتى لو كان بتقطيع الجسد.. إذا لقطعتها .. كذلك أجتوي من يجتويني .. وإلا فاطرحني واتخذني ...عدوا أتقيك وتتقيني ولا أدري إذا يممت وجها ..أريد الخير أيهما يليني
في هذا النص يبحث المثقب عن الصواب والوفاء والإخلاص , ويفاجأ بملاحقة الخطأ والغدر والخيانة ..
التماسك النصي في قصيدة المثقب العبدي: شغلت قضية الوحدة الموضوعيّة والوحدة العضويّة في الشعر الجاهلي فكر النقاد قديماً وحديثاً , وكانت آراؤهم حول هاتين القضيتين متباينة . فمنهم من يزعم أنّ القصيدة الجاهليّة مفكّكة مهلهلة , ومنهم من يعتقد غير ذلك , فيذهب إلى أنّها متماسكة مترابطة . وكلّ يجتهد في تقديم الأدلة ليثبت ما يذهب إليه . وفي هذه الورقة يسعى الباحث إلى رصد ملامح التماسك النصيّ , من خلال السبك (التماسك الشكليّ), والحبك(التماسك الدلاليّ) , آملاً في تقديم صورة واضحة حول الوحدة الموضوعية والوحدة العضويّة في القصيدة الجاهليّة . وفي سبيل ذلك وقع اختياري على قصيدة المثقّب العبدي ( أفاطم قبل بينك متعيني ) , بوصفها من روائع الشعر الجاهلي , بل العربي , لتكون مادة الدراسة . إنّ القراءة الأولى للقصيدة ستولّد انطباعاً عامّا لدى القارئ , يرى فيه تعدّد موضوعات القصيدة , وأنّها في صورتها الخارجية لا تشكّل حالة من الانسجام والتماسك النصيّ . ويبقى هذا الانطباع مسوّغًا عند هذه المرحلة , ولكنّه يصبح غير مسوّغ إذا أعدنا قراءة النصّ غير مرّة قراءةً واعية , فيها قدر عالٍ من التأمّل والتفكير . يُعرّف النصيّون التماسك النصيّ بأنّه العلاقات أو الأدوات الشكليّة والدلاليّة التي تسهم في الربط بين عناصر النص الداخلية , وبين النص والبيئة المحيطة من ناحية أخرى [1].وأهم أدوات التماسك النصيّ : الأدوات الدلاليّة كالسياق والإحالة الخارجية , والأدوات الشكليّة كالروابط النحوية والأسلوبيّة [2]. وقصيدة المثقّب تتألف من خمسة وأربعين بيتاً حسب رواية المفضليات , ويمكن للدارس أن يقسمها إلى أربع وحدات دلاليّة : الوحدة الأولى علاقته بفاطمة , وتشكّل الأبيات الأربعة الأولى . والوحدة الثانية وصف رحلة الظعائن, وتتكون من الأبيات الخمسة عشرة التالية . والوحدة الثالثة وصف الناقة , وتتألف من الأبيات الحادية والعشرين التالية . والوحدة الرابعة علاقته بعمرو بن هند الملك , وتشكّل الأبيات الخمسة الأخيرة . ويظهر لي أنّ الوقوف على القصيدة عن كثب هو ما أطلق الاتهامات على القصيدة الجاهلية بالتفكّك . إننا الآن بتقنيات (نحو النص) سننظر إلى القصيدة بمنهجية تفسح لنا أن نرى القصيدة بطريقة تلغي المرحلة البرزخية بين المَشَاهد , وتُعمّقُ الروابط الشكلية والدلالية بينها , على نحو يثبت حالة التماهي والتواشج بين أجزاء القصيدة . بداية دعونا نعرض لأسلوب النداء الذي يستهلّ به الشاعر قصيدته , ذلك بأنّ الاستهلال يحتلّ مكانة بارزة من حيث أهميته من ناحية , ومن حيث علاقته ببقيّة أجزاء النصّ من ناحية أخرى , وتحكُّمُه كذلك في هذه الأجزاء [3]. تظهر أهميّة النداء ( أفاطمُ ) من حيث أداة النداء الهمزة التي تُسْتعمَل لنداء القريب , سواء أكان القرب مكاني أم قلبي , وهما واردان في القصيدة , فهي قريبة , لأنها في منازله . وهي قريبة , لأنّها محبوبته . والأهمية الثانية استعماله الاسم ( فاطمة) , وهنا يلحّ علينا سؤالان : الأول هل هذا الاسم على الحقيقة , أم أنّه رمز للحالة التي بات عليها الشاعر مع محبوبته , خاصّة وأنّ الشاعر يستعمل اسماً أخر في غير هذه القصيدة , فيقول[4] : ألا إنّ هنداً أمسِ رثّ جديدها وضنّت وما كان المتاع يؤودها والسؤال الثاني :هل فاطمة امرأة حقيقية أم أنّها رمز ومدخل للقصيدة الجاهلية, تتماهى في أزمتها مع عمرو بن هند؟ إذأً (فاطمة) اسم مكثّف يختزن الحالة الانفعاليّة والتفاعليّة مع المحبوبة . وإذا رجعنا إلى المعجم اللغوي سيكشف لنا البعد الدلالي لهذا الاسم . فالفطم : القطع , وفطم يفطمه : قطعه [5].وفي ضوء ذلك يمكن أن نفهم القصيدة من خلال الطاقة الدلاليّة الكامنة في هذا الاسم الذي يترادف دلاليّا مع ( قطعتها ) و( ما وصلت بها) و(صرمتُ) و (اطّرحني) . إنّ هذه الكلمة( فاطمة) تشكّل حلقة وصل بين خارج النص , فهي تحيل إلى شخص المحبوبة (إحالة خارجيّة ) , وداخل النص عبر الربط الدلالي بينها وبين الكلمات المترادفة معها . وعليه, فإننا ندرك القيمة الفعلية للكلمة المفتاحيّة أو الجملة المفتاحيّة في بناء النّص ,فالمرسل يركز كل جهوده في هذه الكلمة ؛ إذ يكون ما بعدها غالبا تفسيرا لها . وتمثل كذلك المحور الذي يدور عليه النص [6]. يبدو المَشْهد الأول من القصيدة متوتراً , فالشاعر يطلب من محبوبته أن تمتعه قبل رحيلها , وفي هذا الطلب شيء من الانفعال والتوتر , إذ يتساوى عنده الرفض والرحيل ( ومنعك ما سألتُ كأن تبيني ) . وإذا امعنّا النظر في مرجعيّة البيت , نجد أنّها مرجعيّة خارجيّة ( إحالة إلى ذات الشاعر دون ذكره في البيت ) , ( متعيني – سألتُ ) . ومرجعيّة داخليّة قبليّة ( بينك – متعيني – منعك – تبيني) إحالة داخليّة قبليّة على ( فاطمة) . ويمكن أن نحلّل المرجعيّة في المشهد الأوّل على النحو الآتي : البيتين (1-2) : ثلاثة ضمائر للشاعر ( إحالة خارجيّة) , و خمسة للمحبوبة ( إحالة داخليّة قبليّة ) , وضمير يعود على المواعد ( جزء من سلوك المحبوبة) . البيتين (3-4) :تسعة ضمائر للشاعر ( إحالة خارجية) , وواحد للمحبوبة ( إحالة داخليّة قبليّة ), وثلاثة ليَدِهِ ( الشمال واليمين) إحالة داخليّة قبليّة . فالمشهد إذاً حافل بالندّيّة وردّ الفعل المنفعل , القائم على مبدأ المعاملة بالمثل( كذلك أجتوي من يجتويني) . فهو ينشد الصدق والإخلاص في المعاملة , فيتكشّف له الأمر في حالة من المصارحة ( فلا تعدي مواعد كاذبات) , فيأخذ موقفاً حاسماً ( إذاً لقطعتها ولقلتُ بيني). ولما كانت المحبوبة قد عزمت على الرحيل , وهو رحيل بطبيعته جماعي , يمثل حركة الحياة في المجتمع البدوي , بحثاً عن الكلأ والماء . فقد عزم الشاعر على متابعة الرحلة انقياداً لمشاعره الجياشة تجاه المحبوبة التي كانت جزءاً من رحلة الظعائن . ولا ندري هل هي حالة من الضعف أمام قوة العاطفة , أم هي حالة من التحدّي والإصرار على العلاقة التي قامت على الصبر على ( المواعد الكاذبات) . وعلى الرغم من الحذف الذي يظهر لنا بين المشهد الأول والثاني الذي يعبر عن حالة التجهّز للرحيل والانطلاق في الرحلة , إلا أننا ندرك ذلك من خلال الاستفهام الاستهلالي في المشهد الثاني الذي يوحي بلفت الانتباه إلى الرحلة , والمراقبة الدقيقة للرحلة ( لمن ظعن تطالع من ضبيب), ويمثل الاستفهام رابطا بين المشهدين ( حسن التخلص). ويمكن أن نصف التماسك النصي بين المشهدين على النحو الآتي : التجهّز للرحلة توتر العلاقة انطلاق الرحلة ملاحقة المحبوبة ويمكن أن تكون مرجعيّة الضمائر على النساء في الهوادج , أو على الظعائن . وإن كنتُ في غالب الأحيان أميل إلى الأول ؛ فهو أقرب إلى مقصد الشاعر , ويمكن أن نوضح المرجعيّة على الشكل الآتي : 5 -8 : الظعائن مرجعية داخلية :تطالع , خرجت , مررن , نكّبن , هنّ , قطعن , حمولهن , يشبهن , هنّ 9 -17 : النساء في الهوادج مرجعية خارجية : هنّ , كغزلان , خذلن , ظهرن , سدلن ,ثقبن , هنّ , أرين , كننّ , علون , هبطن , يرجعن إنّ تكثيف الشاعر لاستعمال الأفعال يبرز أمرين : المتابعة التصويريّة لمشهد الرحلة , والتأثير النفسي لهؤلاء النسوة ( الجمالي : أرين محاسنا , وكننّ أخرى ) و (العاطفي : إذا ما فتنه يوما برهن يعزّ عليه لم يرجع بحين ) . ويبدو هذا التصوير هو جانب من التغني بمحاسن المحبوبة , فهي تتفوق على أترابها في الحسن والجمال ، فيقول : بتلهية أريش بها سهامي تبذّ المرشقات من القطين وعلى هذا النحو يتجدد عود الضمير على المحبوبة ( فاطمة) في ( تبذّ ) , والشاعر( أريش , سهامي ) أما عن نوع الضمير العائد , فهو ضمير الغائب الذي يشي بالمراقبة عن بُعْد , لكنها لم تمنع الجانب التصوير التفصيلي , فهو يصف الرحلة والنساء كأنّه جزء منها. 18- 19 : الشاعر مرجعية خارجية : قلتُ , رحلي , نصبتُ , جبيني , مني , أكون, مصحبتي, قروني المحبوبة بعضهنّ , لعلكِ , صرمتِ يمكن ملاحظة أنّ المشهد الأول ما زال يشكل رافدا أساسيا في تشكّل القصيدة , إذ نجد مشهد الرحلة يفصل بين المشهد الأول المتوتر وحالة الانفصال بين الشاعر ومحبوبته في البيتين ( 18-19), وهذا يؤكد أنّ الوحدة الكبرى ليست للبيت , بل للنّص بكل تجلّياته , فمشاهد القصيدة تسهم في توصيف الحالة الإنفعاليّة لدى الشاعر . وفي مشهد وصف الناقة يتحول التوتر من الشاعر والمحبوبة إلى الشاعر والناقة , وهو توتر يتبلور مع الرحلة الطويلة التي قضاها على ظهرها , إذ نلاحظ الشاعر يسقط على ناقته أوصافا عظيمة , تجعل منها مطيّة قادرة على اجتياز المفازة , بعد أن تحوّل عن ملاحقة الظعائن , واتخذ مسارا آخر في البيتين التاسع عشر و العشرين : لعلكِ إن صرمتِ الحبل منّي كذاك أكون مصحبتي قروني فسلّ الهمّ عنكَ بذات لوث عذافرة كمطرقة القيون يتشكل مسار التحوّل عند الشاعر على النحو الآتي : يتلهى بذكر محاسن محبوبته في مشهد الظعائن يتسلى عن محبوبته بالسفر في مشهد وصف الناقة إذاً يمثل المشهد الثالث امتدادا طبيعيا بوصفه نتيجة لحالة القطيعة الكاملة بينه وبين محبوبته . ويظهر التوتر في هذا المشهد على أنّه استنزاف لطاقة الناقة التي انهكها الشاعر بفعل التوتر في المشهدين السابقين . إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين تقول إذا درأت لها وضيني أهذا دينه أبدا وديني وعلى مستوى الضمير يسيطر ضمير الناقة ( إحالة داخلية قبليّة) على المشهد , ويظهر ضمير الشاعر ( إحالة خارجية) على صورة الفعل وردّ الفعل على النحو الآتي : فألقيتُ لها الزمام فنامتْ إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة إذا درأت لها وضيني أهذا دينه أبدا وديني يتحول الضمير في البيتين ( 39-40) تحولا جذريّا , إذ ينتقل الشاعر من دور المنفعل , إلى دور الفاعل الذي يظهر مقصده من الرحلة , فينطلق بالناقة إلى حسم العلاقة بينه وبين عمرو بن هند من خلال ( ثنيتُ لها – ووضعتُ رحلي – رفدتُ بها - فرحتُ بها ) , وهي أفعال القصد منها التوجه ( إلى عمرو ) . وهنا نحن أمام سؤالين : هل فاطمة في مقدمة القصيدة شخصية حقيقيّة تتشابه مع عمرو بن هند في علاقتها بالشاعر ؟ أم أنّها تمثل مدخلا للقصيدة على عادة الشعراء الجاهليين ,أَسْقَطَ عليها الشاعر أزمته مع عمرو بن هند ؟ تتجلى الندّية في هذا المشهد باستعراض ضمائر الأفعال التي تعيدنا إلى المربع الأول من القصيدة , إذ تتأجج مشاعر الإنفعال لدى الشاعر راغباّ في تحديد وتأطير العلاقة بينه وبين عمرو , والخروج من الموقف الضبابي . وفي سبيل ذلك يعمد الشاعر إلى توظيف ( إمّا) التفصيليّة بوصفها أداة ربط في تحقيق هذا الموقف وترسيخه . ويمكن ملاحظة ذلك( الضمائر + إمّا ) على النحو الآتي : إما أن تكون أخي فأعرف منك غثي أو سميني وإلا فاطرحني واتخذني عدوا أتقيك وتتقيني لقد سعى الشاعر في هذه القصيدة إلى تحقيق مبدئه الذي ينشده , وهو المصارحة والوضوح في الموقف والبعد عن المماطلة . ولعلّه يرنو إلى تشخيص العلاقات الاجتماعيّة , ووضع فلسفة مثاليّة أخلاقيّة أساسها الوفاء بالوعد , والمكاشفة والمصارحة في الموقف ( أخي – عدوّي ) . ويختم قصيدته بالتعبير عن خلاصة تجربته الشخصيّة , فيظهر ضمير (الأنا) الذي يسلط الضوء على جهل الإنسان بالغيب , على نحو يستجمع فيه المشاهد الأربعة السابقة , بلغة فلسفيّة تؤكد صدقه في مقصده ( أألخير الذي أنا أبتغيه ). وإذا أخذنا بالرواية الأخرى التي تضيف بيتا إلى آخر النص , سوف يظهر مدى تماسك القصيدة آخره بأولها , إذ يعود الشاعر في آخر القصيدة إلى فاطمه , بقوله : دعي ما علمتُ سأتقيه ولكن بالمغيب نبّئيني وأما معجم الشاعر , فتشيع فيه ألفاظ القطيعة , مثل : بينك , تبيني , قطعتها , ما وصلتُ , قطعن , قواتل ,صرمتُ , يجذّ , اطّرحني , اتخذني عدّوا .
| |
|